Abstract:
تناولت الدراسة إشكالية طبيعة الإستراتيجية التركية في ظل حكم حزب العدالة والتنمية في الفترة الممتدة بين 2011/2018 وكيف تأثرت هذه الإستراتيجية بالدور التركي في الأزمة السورية حيث هدفت الدراسة إلى محاولة رصد وتحليل طبيعة الإستراتيجية لتركية في عهد حزب العدالة والتنمية عن طريق تناول أهم محدداتها ومبادئها، والتعرف على واقع تعاطيها مع بيئتها الخارجية التي تتميز بالحركية ولاستقطاب الشديد ومعرفة خصوصية المجال الحيوي الذي تتحرك فيه كذلك التعرف على أولوياتها في عمقها الجيو سياسي، ولأسس التي تتحرك من خلالها أدواتها في ظل المتغيرات الإقليمية التي طرأت على المنطقة بعد 2011، كذلك إبراز أهمية الدور الإقليمي التركي من خلال الدور الذي لعبته في إدارة الأزمة السورية وفق تصورات المصلحة التركية الوطنية ومحاولة فهم السلوك الخارجي التركي في تعاطيه مع التحديات الأمنية الجديدة التي فرضتها الأزمة السورية و تبيان أهم الانعكاسات التي أثرت على مكانة تركيا الإقليمية وعلى سياستها الخارجية في تعاملها مع الأزمة السورية لمعرفة مكامن الخلل فيها، و توصلت الدارسة في النهاية إلى أن الإستراتيجية لتركية اعتمدت على النسق الفكري والحضاري لنخبة الحاكمة وتأثرت توجهات تركيا بها، مما جعلها ترسم إستراتيجيتها تجاه الأزمة السورية على تخمينات وتوقعات افتراضية، هذا من وجهة نظر الباحث،نتج عنها فشل تركيا في إدارة الملف السوري، ووفقاً لخطة وتقسيم الدراسة فقد وصلت الدراسة إلي مجموعة من النتائج التالية :
1- تميزت الإستراتيجية التركية – السورية خلال فترة الدراسة بطورين : الأول بدأ قبل عام 2010 بفترة وجيزة واستمر حتى أوائل عام 2011 تميزت خلاله العلاقات بين البلدين بالتقدم والتطور في مختلف المجالات، وصولا إلي مرحلة التحالف الاستراتيجي بين البلدين، بتأسيس مجلس التعاون الاستراتيجي بينهما عام 2009، وما تعكسه هذه الخطوة من حالة التقدم ومثانة العلاقات بين الطرفين خلال هذه المرحلة، أما الثاني فبدأ من أوائل عام 2011، واتسمت بالتأزم و الخلاف بين البلدين، نتيجة اندلاع الأزمة السورية والمواقف التركية منها، والتي أدت إلي وصول العلاقات بين البلدين في هذه المرحلة إلي درجات خطيرة أدت إلي عودة العلاقات التركية – السورية، إلي ما قبل الاتفاق التركي – السوري عام 1998، بخصوص المسألة الكردية .
2- لعب التغير في النظام السياسي التركي، ووصول حزب العدالة والتنمية للحكم في تركيا عام 2002، دوراً أساسياً في التقدم الإستراتيجية التركية والنجاح الذي حققته هذه الإستراتيجية في هذه المرحلة، حيث أدى التوافق في الإستراتيجية بين البلدين إلي تجاوز العديد من القضايا الخلافية، والسعي إلي تطوير علاقات بين البلدين بما يخدم مصالح الطرفين خلال المرحلة الأولي .
3- مثلت المسألة انضمام تركيا للاتحاد الأوربي و الرفض الأوروبي المقابل أهم العوامل الرئيسية في التقارب التركي –السوري، والتركي بصفة عامة، حيث سعت الحكومة التركية إلي محاولة إيجاد موقع مؤثر ومكانة عالية لتركيا في كافة شؤون المحيط الإقليمي لها سعيا منها لإثبات أنها قوة إقليمية مهمة ومؤثر في محيطها الإقليمي .
4- مثلت المسألة الكردية احد أهم عوامل التقارب بين البلدين، والتي عملت على زيادة التعاون و التقارب بين البلدين، حيث أدى التوافق بين كل من البلدين حول التعامل مع تطورات المسألة الكردية منذ اتفاق " أضنه " 1998 ، و بصورة أكبر بعد اعتقال عبدالله أوجلان 1999 ، وما تلاها من تطورات بعد احتلال الأمريكي للعراق عام 2003 ، إلي جعل القضية الكردية إحدى أهم العوامل الرئيسية في التقارب بين البلدين خلال المرحلة الأولى من الإستراتيجية التركية ، أما خلال فترة الأزمة فقد مثله الملف الكردي أهم أولويات أنقرة وخاصة من الناحية الأمنية وذلك يرجع إلى تخوف أنقرة من استغلال هذا الملف من قبل النظام السوري لزعزعت الأمن القومي التركي.
5- أدت تطورات الأحداث بعد اندلاع الثورة في سوريا في مارس 2011، إلي تدهور العلاقات التركية – السورية بشكل كبيرة، نتيجة للإستراتيجية التركية الجديدة تجاه الأزمة السورية، مما أدى إلي قطع العلاقات بين البلدين ووصلها إلي درجة خطيرة وغير مسبوقة، وخاصة بعد رفض النظام السوري الاستجابة للدعوات التركية ومحاولة إيجاد حلول سلمية للازمة منذ اندلاع الأحداث وما تبعها من تبني تركيا لموقف متشدد من النظام السوري .
6- أدت الإستراتيجية التركية تجاه الأزمة السورية إلي إنها سياسة " تصفير المشاكل مع دول الجوار " التي تعبر الركيزة ألأساسه التي تنطلق منها الإستراتيجية التركية تجاه محيطها الإقليمي، والتي أدت إلي تنمية العلاقات التركية مع كافة دول الجوار وفي مختلف الميادين، الذي انعكس بدوره على صورة تركيا ومكانتها في المنطقة .
7- وأخيراً يمكن القول أن المصلحة الوطنية تلعب الدور الحاسم في تحديد شكل وطبيعة الإستراتيجية، حيث أدى التوافق في المصالح بين البلدين في المرحلة الأولى إلي تجاوز فترة طويلة من العداء ولتوثر بين البلدين والتوجه نحو التنمية والتعاون في كافة المجالات ، على الرغم من عدم الوصول إلي حلول نهائية لأغلب القضايا ذات التأثير السلبي بين البلدين مثل ( قضية لواء الاسكندرونة ، ومسألة المياه) .الأمر الذي يعنى بأنه في حالة التوافق في المصالح بين النظم السياسية الحاكمة فإنه يتم التغاضي عن كثير من القضايا والملفات المؤثرة بين الدول، وعند التضارب في المصالح بين الطرفين يحدث العكس فتركيا أصبحت من الأطراف الرئيسية الداعمة للمعارضة السورية والداعية إلي إسقاط النظام السوري، عقب تطورات الأزمة السورية وما تبعها من تغير في الآراء الإستراتيجية لتركيا تجاه النظام السوري.