Abstract:
فتمثل الرسائل إحدى أهم وسائل التواصل القديمة والحديثة معاً، باختلاف طرقها وتقنياتها المستعملة عبر كل زمن، يزخر بها تراثنا الأدبي العربي بكثير من الرسائل على اختلاف أنواعها، ومما لا شك فيه أن الإقدام على دراسة شيء من التراث الذي نقدسه كلما مرت عليه السنون، فكرة تحتاج من الباحث وعياً وفهماً كبيرين، خاصة إذا كانت الأداة التطبيقية المستعملة حديثةً إلى حد ما، قياساً بدخولها في الساحة النقدية العربية.
وعلى نظير ذلك فإن الوقوف على كتابات ونصوص أحد أعمدة الكتابة العربية أمر يحتاج إلى جهد وسعة رغم أنه على درجة عالية من الإثارة والإغراء، ولعل هذا كان أحد الدوافع التي جعلتني أَتَّخِذُ أحد نصوصه محلاً للتطبيق، لتكون الرسالة بعنوان
« المفارقة في بناء الرسائل الإخوانية، دراسة بنيوية ».
وفضلاً عن السبب الذي ذكر، فقد قام اختياري لهذه الدراسة لأسباب يعود بعضها للموضوعية والآخر للفنية الذاتية، أما الأول منها: فَلأن المفارقة فضلاً عن كونها من الأساليب البلاغية اللافتة، فهي تلبس المبدع قناعاً يستطيع من خلاله أن يصب المعنى الذي يريد دون أن يؤذى أو يلام، في حين أنها تضع القارئ في ربكة نتيجة التنافر والتناقض في مستوى الكلام وتعدد الدلالات، لتُحتم عليه البحث عن المستتر وراء المعنى المقصود.
وقد ارتبطت الدراسة بالرسائل الإخوانية لما منحه امتداد العصور الأدبية للإخوانيات من تطور، وتغير في أسلوب عرضها، وتنوع في أغراضها ومقاصدها بفضل كتَّابها.